ليست ظاهرة زواج الفن والمال جديدة إنما عرفتها الساحة مراراً، ولكن
الجديد أن تتخلى النجمة وبإرادتها عن المال وتختار الحب. هذا ما فعلته
نانسي عجرم عندما استجابت لنداء القلب وتزوجت طبيب الأسنان الأقل مالا
وشهرة، كذلك هيفاء وهبي، إذ تؤكد الإشاعات قرب زواجها من فارس أحلامها
البعيد عن دائرة المال.
ما الذي يدفع الفنانة إلى التخلي عن حسابات المال والشهرة في الزواج؟ وإلى أي مدى ينتصر الحب؟
توضح الفنانة الكبيرة هند رستم: « في الماضي، كنا نعمل حباً للفن وليس
لتحقيق الشهرة أو كسب المال، لذلك تمتع العمل الفني بقيمة مازال الناس
يتذكرونها، اليوم تبحث الممثلات عن المال في المقام الأول، أسمع عن
المبالغ الضخمة التي يطلبنها وقد يعتذرن عن العمل إذا لم يحصلن عليها، ما
يؤكد أن لغة المصالح أصبحت هي السائدة وأفسدت كل شيء، ومن الطبيعي أن
يبحثن عن رجال أثرياء لتلبية رغباتهن، ما يفسر لماذا تفشل معظم هذه
الزيجات».
تضيف: «في شبابي لم يكن لديَّ وقت للحب وكرست حياتي للفن فحسب، لكنني وصلت
إلى مرحلة معينة قررت فيها الإعتزال والبحث عن الإستقرار مع الرجل الذي
أحبه، بعيداً عن دوافع المال والشهرة، فتزوجت دكتور فياض وأسست معه اسرة
أصبحت كل شيء في حياتي. كان اختياراً صائباً ولم أندم على قرار اعتزالي،
لأنني تفرغت لرعاية أسرتي، الفن والنجومية والمال هم إلى زوال، ووحدها
الأسرة تبقى».
من جانبها تؤكد الممثلة نيرمين الفقي أن الحب هو أساس أي علاقة ناجحة، شرط
أن يقترن بالتفكير والاختيار السليم، تصف نفسها بأنها رومانسية تحلم بالحب
والزواج وتكوين اسرة سعيدة، «لكنني لا أحب خوض أي تجربة عاطفية يمكن أن
تفشل وتؤثر في نفسيتي وعملي، لذلك قررت التمهل في اتخاذ هذا القرار
المصيري والتأكد من مشاعري ومن الشخص الذي سأرتبط به»، على حد قولها
إيماناً منها بالقسمة والنصيب، وبأن المال ليس كل شيء وبأن النجومية هي حب
الناس.
تضيف: «تبحث الفنانات في غالبيتهن عن المال والشهرة بأي وسيلة، وليس
غريباً زواجهن برجال أعمال، لا أرفض فكرة الزواج من رجل أعمال، بل أرفض أن
يبنى الزواج على المنفعة لأنه ينتهي دائماً بالفشل والخلافات والتهديدات
وأحياناً القتل، على غرار ما حدث مع ذكرى وسوزان تميم». تعتبر أن الحب
والاختيار السليم والبحث عن الاستقرار وتكوين أسرة كلها عوامل تؤسس لأي
ارتباط سواء برجل أعمال أو بأي شخص آخر.
لم تجد دنيا سميرغانم حتى الآن الشخص المناسب الذي تحبه وتقرر الزواج به،
ترى أن الزواج عن حب أنجح من الزواج التقليدي، وأن هدف كل امرأة العثور
على الشخص الذي يفهمها ويحبها ويكوّنان معاً أسرة سعيدة، «غير أن أغلب
الفتيات للأسف يبحث عن المال وليس عن الحب سواء داخل الوسط الفني أو
خارجه، لذلك نجد أن الزيجات في غالبيتها تنتهي سريعاً بالفشل»، على حد
تعبيرها.
بين الرسالة والسلعة
يعتبر د.أحمد عبدالله، أستاذ علم النفس، أن الموقف من الفن اختلف بشكل
كبير، «في الماضي كنا نتعامل مع الفن على أنه رسالة لا بد من أدائها بجد
وإخلاص، وعلى هذا الأساس كانت الفنانة تكرس نفسها له وقد تصل إلى رفض
الزواج، وبالتالي كانت حياة بعضهن الاجتماعية متعسرة. الآن اختلف الأمر،
فبدءاً من السبعينيات والثمانينيات أصبح الهدف الأساسي هو الشهرة وليس
الفن الجيد، ولم نعد نتحدث عن النجمة مثلما كنا نتحدث عن سعاد حسني أو
فاتن حمامة».
يضيف د.عبدالله: «تهتم الفنانات بأنفسهن وبعمليات التجميل، وكل هذا يحتاج
إلى أموال قد يؤمنها الزواج برجال الأعمال، في المقابل يتزوج رجل الأعمال
النجمة وليس الإنسانة، لأنه يحب أن يقتني النجمة ويمتلكها، وأن يدخل دائرة
الضوء معها، ما يؤكد وجود علاقة منفعة متبادلة بينهما».
يعتقد د. عبد الله أن بعد الأحداث التي وقعت أخيراً وذهبت ضحيتها سوزان
تميم وقبلها ذكرى، لا بد من أن تتولد لدى الفنانات حالة من الحرص والحذر،
وقد يعمدن إلى البحث عن الحب والزواج الجاد.
من جهتها تشير د. نهاد يحيى (أستاذ علم الاجتماع) إلى أن رجل الأعمال
يعتبر ارتباطه بالفنانة صفقة من صفقاته، «مثلما يتم الزواج سريعاً ينتهي
سريعاً، لم يعد يهم النجمة كرامتها بقدر ما يهمها المال، لذلك تقبل أن
تعامل كسلعة».
تؤكد أن هذا التفكير هو الذي دفع إلى مقتل سوزان تميم التي ارتبطت بأكثر
من رجل أعمال، ومقتل ذكرى على يد زوجها بدافع الغيرة. قد تؤثر الشهرة،
برأيها، سلباً في النفس والاستقرار وبناء الأسرة، لذلك لا بد للحياة
العائلية من أن تبنى على الحب والتفاهم لتنجح وتستمرّ وليس على المصالح
والمال والجمال.
مرة أخرى هل زواج نانسي عجرم من الشاطر حسن حالة استثنائية، أم أنها قابلة للتكرار.